3:32 م

قنابل موقوتة وسط منازلنا


قنابل موقوتة وسط منازلنا :
للفيزياء وجه آخر تعيس وبئيس لدرجة قد تصيبك بالخوف المرضي من إحدى قوانينه المتفجرة ، الضغط من بين تلك القوانين التي قد تجعلك ترتعش خوفا من نفخ بالون . بدون ضغط لن تنطلق الرصاصة من المسدس ولن يرتفع الصاروخ مترا عن الأرض ، بإضافة الضغط قد تجعل من قارورة بلاستيكية سلاحا قاتل ، في بيوتنا وداخل مطابخنا ننتج يوميا ضغطا كاف لإصابتنا بجروح بليغة أو إعاقة دائمة أو موت . 
في كل تحضير لطعام الغذاء الماء من بين الإضافات الأساسية لطهي الخضروات ، فهو عنصر جوهري في تشكيل المرق ، بعد أن توضع الثوابل والزيوت وما إلى ذلك يتم غلق القدر بإحكام على كل المقادير ووضعه على النار ، وهنا تبدأ المشكلة ، بإرتفاع درجة حرارة القدر يتبخر الماء بداخله ، يحتاج البخار لمساحة أكبر ليتموضع فيها لكن القدر مغلق بإحكام مما يجعل البخار يضغط على غطائه بشدة في محاولة يائسة منه للخروج ، يستمر إرتفاع الضغط لدرجة يتحول فيها القدر إلى قنبلة موقوتة تنتضر الشخص الذي سيفتح شرها ، بمجرد أن تقوم بمحاولة فتح غظاء القدر وتحريكه ليسمح ببعض البخار بالخروج ، سيتراكم كل البخار على السنتيمترات الصغيرة جدا التي أتيحت له للخروج في الثواني الأولى ، مما سيزيد من الضغط على الغطاء إلى فوق ويجعله يتطاير في السماء مصيبا وجهك بقوة كافية لكسر كل أسنانك ، كما أن الضغط سيجعل كل شيئ من خضروات ومرق ساخن جدا يخرج من القدر مرتفعا للأعلى بسرعة كبيرة الشيئ الذي سيسبب لك بعض الحروق من الدرجة الأولى . هذا أمر حدث ويحدث في كل العالم للعديد من الأمهات والطهات مسببا كوارث لم تكن في الحسبان سببها الوحيد قلة الفهم لقواعد الضغط ، ولهذا يتم فتح متنفس في غطاء القدر لكي يسمع للبخار بالخروج لكن رغم ذلك بعض أمهاتنا يغلقونه أو يضعون عليه شيئ كي يرتفع الضغط داخل القدر وبالتالي ترتفع حرارة الطعام ويطبخ بسرعة وهذا أمر خطير جدا .للإحتياط أكثر يجب وضع القدر على الماء قبل فتحه لكي تنخفض دراجة حرارة البخار ويتحول إلى ماء وبالتالي ينقص الضغط . 
يتولد هذا الضغط حتى داخل إبريق طهي القهوة، ولدي تجربة شخصية مع أحد أفراد العائلة في ذلك حيث أصابت القهوة سقف المنزل في رمشة عين ، فإضافة الماء لطهي القهوة والغلق عليهما في الإبريق بإحكام يولد ضغطا وسيناريو مشابه لما ذكرناه فوق .
لكن أحيانا قد يكون الضغط رحيما و يمنحنا فرصة جديدة للحياة ، فقنينة الغاز المتلئة التي تسرب الغاز، إحتمال إنفجارها أقل من القنينة المفرغة قليلا من الغاز ، لأن الضغط داخل القنينة الممتلئة مرتفع جدا لذلك حينما يكون تسرب للغاز , فالغاز يخرج من ثقب التسرب بسرعة ، وحينما تشتعل شرارة نار في موقع التسرب يبقى ضغط الغاز الخارج الشرارة خارجا ولا يسمح لها بالدخول لتفجير القنينة ، أما حينما يكون هناك تسرب في قنينة مفرغة قليلا من الغاز فالضغط يكون ضعيف جدا داخلها مما يسمح لنار بالدخول وتفجير القنينة ، الأمر شبيه بصنبور يخرج منه الماء بقوة فأنت لن تستطيع إدخاخ إصبعك ، لكنك تستطيع ذالك مع صنبور يخرج منه الماء ببطئ ,بما أن التسرب يكتشف غالبا والقنينة مملوئة في تجربة الإشعال الأولى بعد شرائها يمكننا القول أن الضغط يساهم في عدم موت العديد من الناس بجعله القنينة غير قابلة للإنفجار .